عراق الأمير من أقدم المواقع الأثرية النادرة على ارض الأردن
أول ما يلفت نظر الزائر لبلدة عراق الأمير.. ذلك البناء الأثري القديم بحجارته البازلتية البيضاء الضخمة المعروف باسم " قصر الامير" الذي يعد من أقدم المواقع الأثرية النادرة للفترة الهلنستية على ارض الأردن.يعود تاريخ القصر الذي نسبت قرية عراق الامير اليه وأحيانا يطلق عليه "قصر العبد "إلى ما قبل خمسة ألاف عام تقريبا.ومع كل ما يشكله هذا البناء الأثري العريق من رائعة هندسية دقيقة التصميم والبناء، وما زين به من نقوش ومنحوتات بمنتهى البراعة والإتقان ،إلا إن الزائر لموقع القصر يفاجأ بتدني مستوى الخدمات السياحية في هذا الموقع.
كما ان الطريق الموصل إلى القصر بحاجة إلى التوسيع والتعبيد إضافة إلى عدم وجود طريق معبد يخدم منطقة
اسفل الجبل الذي تكثر فيه الكهوف الأثرية.
واشتكى أهالي منطقة عراق الأمير من انعدام البنية التحتية السياحية من خدمات المرافق العامة وعدم وجود استراحات سياحية توفر خدمة الطعام والشراب للزوار إضافة الى عدم توفر النشرات السياحية والمرشدين السياحيين للتعريف بالموقع.
وبالرغم من توقف مشاريع استكمال ترميم القصر وبقاء اجزاء عديدة منه بحاجة إلى الترميم والأعمار.. إلا انه ما زال صامدا يعتلي تلك الربوة الكلسية التي شيد عليها القصر من الحجر البازلتي الذي يشبه الرخام الأبيض في بناء مستطيل الشكل يبلغ طوله "38" مترا وعرضه " 18 " مترا.
ويتكون القصر من دورين..السفلي ويتألف من أربع غرف تنيرها سبع نوافذ على كل جانب وحولها رواق.. والعلوي الذي لم يكتمل بناء سقفه من الأصل ويشتمل على قاعة وسطى للاحتفالات وعلى أربع غرف موزعة على أركان القصر الأربعة.
والقصر محاط بسور على مساحة واسعة من الأرض ما زالت معالمه بارزة في الجهات الغربية والجنوبية إضافة الى البوابة الصرحية الرئيسة في واجهة السور الشرقي من القصر.
ويعتقد ان هذه البوابة -التي لم يتم تنقيبها اثريا لغاية ألان.. تفضي إلى نفق ارضي يقود إلى بوابة القصر الشمالية من تحت الأرض لكون القصر كان محاطا بالمياه من كل جهاته ولا يمكن الدخول إليه إلا من خلال هذه البوابة.
ويتزود القصر بالمياه من قنوات الري الحجرية التي تنقل المياه من وادي عراق الأمير الجاري وعيون المياه الوفيرة في المنطقة إلى البركة الكبيرة التي تحيط بالقصر من جميع الجهات.
وللقصر بوابتان إحداهما في الواجهة الجنوبية والأخرى في واجهة القصر الشمالية مزينة بالأعمدة والتيجان الكورنثية وتؤدي إلى درج يصعد إلى الدور العلوي.
وتكثر الكهوف الصخرية المنحوتة في الحيد الصخري في صفحة الجبل الغربي البالغ عددها "11" كهفا زودت بالمياه من خلال قنوات ري حجرية منحوتة في الصخر تنقل المياه من بركة المياه الواقعة في أعلى قمة الجبل في ظهر عراق الأمير إلى تلك الكهوف.
وما زالت بقايا أثار تلك البركة والقنوات باقية لغاية الان وتحتاج إلى الترميم والتنقيب الأثري من قبل دائرة الآثار العامة وفرق التنقيب لأقسام الآثار في الجامعات الأردنية.
وعثر في تلك الكهوف على رسومات ونقوش تعود إلى القرن الثالث قبل الميلاد في أواخر العصر الفارسي ومطلع العصر الهلنستي منها نقشان باسم الملك طوبيا.
ويعود تشييد هذا القصر وتلك الكهوف إلى فترة حكم الأمير طوبيا الذي كانت له علاقة مع بطليموس الثاني الذي حكم مصر وكان حينها "طوبيا "العبد العموني نائبا للملك وواليا على منطقة عمان في عهد الفرس الاخمينيين حسب كتاب عمان الكبرى تاريخ وحضارة للدكتور فوزي زيادين.
وتشير المصادر التاريخية إلى أن قوما من العمونين القدماء بقيادة أميرهم "طوبيا" استقروا في منطقة وادي السير عام 360 قبل الميلاد والتي ذكرتها المصادر التاريخية في مخطوطات "زينون" التي عثر عليها في الفيوم بمصر واكدت ان الملك طوبيا حكم تلك المنطقة.
وذكر لانكستر هاردنج في كتابه "اثار الاردن "ان اراء العلماء اختلفت كثيرا في تحديد زمن بناء القصر والتي تأرجحت بين القرن الثالث قبل الميلاد والقرن الاول بعد الميلاد..فمنهم يوسفيوس الذي ارجع بناء القصر الى الفترة ما بين "187 – 175 " قبل الميلاد حيث قام ببنائه "هركانوس" في عهد سلوقس الرابع.
واشار الى ان الحفريات التي اجريت مؤخرا في قصر الامير كشفت بأنه كان مأهولا في القرنين الرابع والخامس بعد الميلاد من قبل جماعات من البيزنطيين الذين اجروا تعديلات وادخلوا إضافات على البناء من الداخل مما أدى إلى تدمير كل ما من شانه أن يدل على تاريخ إنشاء البناء.
وأكدت باحثة الآثار ورئيسة قسم الإرشاد السياحي في كلية الاردن الجامعية للتعليم الفندقي والسياحي نهى العمري ان تاريخ بناء القصر يعود الى عام 175 قبل الميلاد في فترة حكم الأسرة الطوبية "هيركانوس الطوبي ".
وأشارت إلى إن أهمية هذا المكان تعود لندرته الأثرية والتي تمثل الفترة الهلنستيه في الاردن وهي الفترة التي تمتزج فيها حضارة" الشرق والغرب" من خلال الفن المعماري المستخدم في نحت التيجان الكورنثية والوردية والأيونية إضافة الى منحوتات الحيوانات البرية والتي نحتت على واجهات القصر وتمثل قوة هيركانوس وهي "النسر واللبؤة والاسد".
ولفتت الى ان المكان قديما كان محاطا بالمياه.. ويستدل على ذلك من خلال البركة المبلطة التي تحيط بالقصر من جميع الجهات وقنوات المياه التي تزود هذه البركة بالمياه.
وذكرت العمري انه عثر في المنطقة المجاورة للقصر على مجموعة من النقود التي ترجع الى فترة" بطليموس فيلادلفيوس" مثلت العديد
من دور صك العملات التي كشفت عن الحقبات التاريخية للمنطقة.
محول الاكوادإخفاء الابتساماتإخفاء ركن الاسئلنة